تقف هذه السلسلة من الحوارات كل أسبوع مع مبدع أو فنان أو فاعل في إحدى المجالات الحيوية في أسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد إنتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيفة حلقة الأسبوع الإعلامية والناشطة الأمازيغية أمينة ابن الشيخ
كيف تعرفين نفسك للقراء في سطرين؟
اسمي أمينة ابن الشيخ أوكدورت من مواليد سنة 1966 بكجورت ءافلايغير بتافراوت إقليم تيزنيت.
خريجة كلية الحقوق شعبة القانون الخاص بجامعة محمد الخامس بالرباط ومؤسسة شركة النشر ءيديسيون امازيغ معية زوجي رشيد الراخا، مديرة ورئيسة تحرير جريدة “العالم الأمازيغي“، عضوة سابقة بالمجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، عضوة سابقة للجنة التقنية التي سهرت على انشاء القناة الأمازيغية، عضوة اللجنة الملكية التي أخرجت القوانين التنظيمية للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، رئيسة التجمع العالمي الأمازيغي جهة المغرب، رئيسة مؤسسة الحاج حماد ابن الشيخ أوكدورت للثقافة والتنمية الاجتماعية، متزوجة وأم، اشتغل حاليا برئاسة الحكومة مكلفة بملف الأمازيغية.
ماذا تقرئين الآن وماهو أجمل كتاب قرأته؟
الآن أقرأ كتاب “الأمازيغية في التعليم المدرسي” للدكتورة فاطمة أكناو. أجمل كتاب قرأته هو كتاب La divine connexion “الاتصال الإلهي”.
باعتبارك مديرة تحرير جريدة “العالم الأمازيغي” كيف بدأت رحلتك الإعلامية؟
بدأت رحلتي في مجال الإعلام الأمازيغي بعد أن تعرفت على زوجي رشيد الراخا وتصادف ذلك مع توقف جريدة “تامازيغت” التي أسسها المرحوم أحمد الدغرني، وكذلك النقاش حول بيان الاعتراف بأمازيغية المغرب للأستاذ محمد شفيق، بارك له الله في صحته. كل ذلك النقاش للأسف لم يواكبه الإعلام المغربي مما أحسسنا معه بغبن كبير دفعنا زوجي رشيد والصديق أحمد زاهد في التفكير في تأسيس جريدة تكون لسان حال الأمازيغية، وهكذا كان، فأنشأنا لذلك شركة للنشر أو مقاولة إعلامية بعد أن استفدنا زوجي وأنا من قرض بنكي في إطار قرض المقاولين الشباب، وهكذا ابتدأت الخطوة الأولى بأول عدد في متم شهر ماي 2001. وها نحن الآن في عامنا الثاني والعشرون.
ماهي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين إلى التسكع في أزقتها وبين دروبها؟
في الحقيقة ليست لي مدينة مفضلة ولكن أنحاز إلى مسقط بلدتي تافراوت، لاعتبارات كثيرة منها، انها مسقط رأسي، وكذلك لأن والدي هو مؤسسها، مباشرة بعد أن عينه المغفور له محمد الخامس سنة 1956 إلى سنة 1963.
باعتبارك ناشطة أمازيغية مستشارة في ديوان رئاسة الحكومة مكلفة بالملف الأمازيغي. كيف ترين مستقبل الأمازيغية في المدى القريب؟
أولا أنا أناضل في صفوف الحركة الأمازيغية منذ بداية التسعينات أي ما يفوق الآن ثلاثون سنة، ساهمت في تأسيس جمعية تاماينوت، والحركة الأمازيغية بالرباط عموما، ساهمت في تأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، كما ساهمت في وضع التصور العام للقناة الأمازيغية وقبلها ساهمت في وضع اللبنات الأولى معية زملائي بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في اللجنة المشتركة بين وزارة الاتصال والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية، شركة صورياد 2M والمركز السينمائي المغربي، ساهمنا في إدراج الأمازيغية في الإعلام السمعي البصري العمومي، وغيرها من إنجازات أخرى جماعية، ما يعني أنني جد متفائلة لمستقبل الأمازيغية، فقط يجب تظافر الجهود والعمل باستراتيجيات محكمة وبجد، لأن الشروط الأساسية لإنجاح هذا الملف موجودة، ليس بالشكل المثالي الذي نسعى جميعنا إليه ولكن هناك الحد الأدنى الذي سيياعد على إنجاح الملف، والسعي إلى المزيد حتى يتحقق المبتغى.
متى ستحرقين أوراقك الإعلامية وتعتزلين الكتابة والصحافة؟
أنا لا أومن بمثل هذه المصطلحات من قبيل الحرق الاعتزال وإطفاء الشمع… أنا أومن بالسير قدما ولا أمارس هواية حتى أعتزل منها، أمارس النضال وسأبقى كذلك إلى أن تصعد روحي إلى مثواها، وربما ستناضل هناك أو تتقمص في شخص آخر وهكذا.
لماذا في رأيك هذا التأخر الكبير في ترسيم الأمازيغية على أرض الواقع في غياب تنزيلها بشكل فعلي في كل هياكل ومؤسسات الدولة؟
ليس هناك تأخير في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، بل هناك فراغ كبير بحكم أن الأمازيغية منذ عشر سنوات بعد دسترتها في دستور 2011، لم يفعل فيها أدنى شيئ، ذلك أن القوانين التنظيمية لم تخرج إلا أواخر سنة 2019 و2020، على علتها، ولتنزيلها لابد من مساطر ومذكرات ومراسيم ومناشير، اجتماعات ولقاءات، خصوصا وأن القانون التنظيمي رقم 26.16 وضع مجموعة من آجالات إدراج الأمازيغية في بعض المرافق تتراوح ما بين 5 سنوات،10 سنوات و15 سنة.
هل للإعلامي والمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟
نعم الإعلامي بالضرورة هو مثقف لأنه لا يمكن له أن يوصل رسالته الاعلامية دون حد أدنى من الثقافة، وبالتالي فلهما دور كبير في الرقي بالمجتمعات، ولو أننا للأسف لم نعد نشاهد ذاك التفاعل بين المثقف والاعلامي مع القارئ، لأن الوسائل التواصلية الجديدة أو ما يسمى مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت كالأكلات الخفيفة fast-food تشبع ولا تفيد الجسم في شيىء.
ماذا يعني لك العيش في عزلة اجبارية وربما حرية أقل؟ وهل العزلة قيد أم حرية بالنسبة لك؟
لا أعتقد أن هناك عزلة اجبارية فالعزلة اختيار، وهي نسبية كما الحرية فما تعتفده أنت عزلة ربما عند الآخر حرية كذلك، الشيء نفسه بالنسبة للحرية كل شيئ نسبي، فالحرية بالنسبة لي هي مبدأ ومحرك وجودي وكينونتي وهويتي.
شخصية في الماضي ترغبين لقاءها ولماذا؟
إن كان ذلك ممكنا فأرغب أن ألتقي بوالدي الذي توفي وعمري سنة، أريد أن ألتقي به لأعرف منه الكثير مما أجهله هو المقاوم الذي قاوم الاستعمار بالعاصمة الرباط بالسلاح، وقد كتب عنه أن أول رصاصة أطلقت في العاصمة الرباط أطلقت من مسدسه، كما كان يقاوم بماله الخاص حيث كتب عنه الصنهاجي في مذكراته أنه كان يمول أعضاء التحرير بسخاء، ويعتبر كما أسلفت مؤسس مدينتي تافراوت ونظرا لتفانيه وحبه لوطنه خصه المغفور له محمد الخامس بزيارة خاصة اعترافا له بمجهوداته الجبارة في بناء الإنسان والمجال.
إذن أرغب في اللقاء به لأعرف منه المزيد وأسأله عن سبب تقديم استقالته سنة 1963 مباشرة بعد تعديل الدستور، هل بسبب حملته ضد التصويت بنعم للدستور؟، كما حكى لي ابن صديقه المرحوم أوشاكور، أم بسبب صدمته فيما يسمى الحركة الوطنية؟ هي أسئلة كثيرة أريده أن يجيبني عنها.
ماذا كنت ستغيرين في حياتك لو أتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
في الحقيقة لو أتيحت لي فرصة البدء من جديد فلن أغير أي شيئ في حياتي، لأن مسار حياتي هكذا اخترته، لأن العبرة بالخواتيم، وأنا ممتنة أولا لله على كل ما حباني به وممتنة لكل من صادفته في حياتي سواء من تعامل معي بالخير أو الشر لأنها دروس كلها تعلمت منها وأترت في تكويني وفي بناء شخصيتي.
ماذا يبقى حين نفقد الأشياء؟ الذكريات أم الفراغ؟
ماذا تعني بالأشياء؟ إذا كنت تعني بها الماديات فنحن من نصنعها، فإن فقدانها صنعنا غيرها، ولكن أن كنت تعني السمعة والأخلاق فلن تعيش ألا الفراغ، لأن الذكريات آنذاك ستكون بمثابة ضمير لن يرحمك بل سيؤنبك ويعاقبك مدى الحياة.
الأمازيغية لغة رسمية في المغرب هذا ما نص عليه دستور 2011: إجراء شكلي أم اعتراف ثقافي وسياسي؟
هو اعتراف رسمي من أعلى سلطة في البلاد منذ خطاب العرش لسنة 2001 ثم خطاب اجدير في نفس سنة 2001 وتوج بترسيمها في دستور 2011، وإدماج سياسي وإدراج ثقافي، ولا حق لنا في الفشل ولا العودة إلى البدايات، فقط نسير ونستمر في النضال والعمل.
إلى ماذا تحتاج المرأة في أوطاننا لتصل إلى مرحلة المساواة مع الرجل في مجتمعاتنا الذكورية بامتياز. إلى دهاء وحكمة بلقيس أم إلى جرأة وشجاعة نوال السعداوي؟
المرأة تحتاج في وقتنا هذا إلى الاثنين، وأضيف أنها تحتاج أكثر من ذلك الى الاعتراف لنفسها بقدراتها وكذلك بالتغلب ومحاربة العقلية الذكورية لدى بعض النساء خصوصا بعض الأمهات.
كيف ترين تجربة النشر في مواقع التواصل الاجتماعي؟
هي كما قلت أعلاه وجبات خفيفة تشبعك ولكن لا تنفعك في شيئ.
أجمل وأسوء ذكرى في حياتك؟
أجمل ذكرى هي لحظة ازدياد ابني ولحظة الإعلان عن ترسيم الأمازيغية في الدستور المغربي. أسوأ ذكرى هي لحظة إخباري بوفاة أخي مصطفى رحمه الله.
كلمة أخيرة أو شيء ترغبين الحديث عنه؟
أشكرك جزيل الشكر على هذا اللقاء الممتع وأتمنى أن تجمع كل الحوارات في كتاب حتى تبقى موثقة وخالدة،