تقف هذه السلسلة من الحوارات كل أسبوع مع مبدع أو فنان أو فاعل في أحد المجالات الحيوية في أسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد إنتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيفة حلقة الأسبوع الشاعرة السورية ربا وقاف المقيمة في إسكتلندا
كيف تعرفين نفسك للقراء في سطرين؟
امرأة سورية حملت وجع وطنها وحولته إلى نص أسمته شعرا تبحث فيه عن صور تشبهها بالغريزة وبخزينة مليئة بمخزون من ذكريات وعشق وتمرد. حاولت أن توازن بين جنون الفكرة وعالم حقيقي صعب المنال. علاقتي بالأدب علاقة الروح بالجسد وبدمعة فرح وأخرى للألم. أعيش للجمال أينما وجد ابنة وزوجة وأم وعاشقة لا تخلف ميعادا للأمل
ماذا تقرأين الآن؟ وما هو أجمل كتاب قرأته؟
أقرأ رواية العمى للكاتب البرتغالي جوزيه ساراماجو. وأجمل ما قرأت كان رواية ذهب مع الريح لمارغريت ميتشل.
متى بدأت الكتابة؟ ولماذا تكتبين؟
بدأت الكتابة بسن صغيرة لكن لم تكن لدي الجرأة للنشر ومع الزمن ومع نضج الأفكار أصبحت أرى العالم عبارة عن صور من جمال وقبح أحيانا، فكان لا بد من تحويلها إلىسطور تفيض بما ترسمه ذاكرتي وتترجمه أحاسيسي فكان نصوصا تخفي من معان أكثر مما تظهره.
ما هي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين إلى التسكع في أزقتها وبين دروبها؟
دمشق حاضنة ذكرياتي وعشقي الأول لكل ما هو جميل. دمشق التي تعرف خطواتي وتتوزع في أحيائها بقايا عطري ووشوشاتنا وأسرارنا التي تشاركناها. فدمشق هي رئتي التي أتنفس الحياة من خلالها.
هل أنت راضية على إنتاجاتك وما هي أعمالك المقبلة؟
راضية إلى حد. فالمقارنة مع مشاغل الحياة والدراسة والعمل أجد متنفسي القليل في الشعر والقراءة والكتابة ومشروعي القادم إن شاء الله. كخطوة أولى أنا أترجم بعضا من نصوصي إلى اللغة الانكليزية بطلب من رئيس تحرير مجلة تعنى بالأدب العالمي. ولي مشاركات وترجمات لنصوصي للغات أخرى من قبل مترجمين أصدقاء. ولي بعض المحاولات لكتابة الشعر باللغة الانكليزية.
متى ستحرقين أوراقك الإبداعية وتعتزلين الكتابة؟
من الصعب جدا الإجابة عن هذا السؤال فأنا أصلا لم أتعمد الكتابة في البداية وكانت عبارة عن متنفس للروح وستظل كذلك مساجة للحب والامل فلطالما وجدا سأستمر بالكتابة.
ما هو العمل الذي تمنيت أن تكوني كاتبته؟ وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
كل عمل جيد محفز لي للافضل. كثيرًا ما يقف الواحد منا على نصٍّ من النصوص فيجدُ أنَّ قلبه قد خُطف بسحر لغته، ووقع في حبِّ أفكاره. حقيقة ليس لدي طقس معين للكتابة فحينما نُسَلِّمُ أن طقوس الكتابة لها علاقة بالإلهام، لا نعني به ضرورة شرعية الطقوس على أشكالها؛ إذْ من المهمِّ أن ننتقي نوعية الطقس قبل ممارسته..
هل المبدع والمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟
التغيير الذي يصنعه الإبداع في المجتمعات وفي ثقافتها هو تغيير غير مباشر، تغيير تراكمي، في الوعي الجمالي، في طرق التفكير، في المقدس، في المحرم، في السلوك، في تطور الذائقة، في المحاكمات، في المنطق، في منظومة القيم، إلى آخر ذلك. وهو أثر بطيء وغير متعجّل، حيث تنمو الأمم وتتطور بالتزامن مع تطور إبداعها وتفوقه..
ماذا يعني لك العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل؟ وهل العزلة قيد أم حرية بالنسبة للكاتب؟
أنا أختار عزلتي فأنا أراها تحرر من القلق المستمر في الحياة ومرحلة مهمة للاكتشاف الذاتي.
شخصية في الماضي ترغبين لقاءها ولماذا؟
سيلفيا بلاث، هل يمكن لحياة عشناها يملأ قلوبنا الفرح أن تنتهي إلى يأس مفجع، وأن يُلغي هذا الأخير حقيقة ما سبق عليه؟ قد لا يمكن لشيء أن يطرح هذا السؤال بإلحاح أكبر من الحياة القصيرة إنمّا الكثيفة للشاعرة الجميلة سيلفيا بلاث”.
ماذا كنت ستغيرين في حياتك لو أتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
ستستغرب أن قلت أني لا اريد تغيير شيء فكل محطات حياتي لحظات فرحها وآلامها شكلت ما أنا عليه عليه الآن وسأقول أني راضية.
ماذا يبقى حين نفقد الأشياء؟ الذكريات أم الفراغ؟
في لحظةٍ ما، ربما حين انشغالنا بأعمالِنا المعتادة، قد يقف العقل عند لحظةٍ لا تأفل نجومه عن المغيب، فتضيء لنا الحياة ذكريات جميلة؛ لأنّ طبيعة العقل البشريّ يحبّ التوقف عند اللحظات التي افتقدها رغمّ جماليتها وخلودها في أعماقنا!.
صياغة الأداب لا يأتي من فراغ بل لابد من وجود محركات مكانية وزمانية، حدثينا عن ديوانك الاخير “بكَ أعرفني” كيف كتب وفي أي ظرف؟
(بك أعرفني) هي تركيبة من ربا القارئة والحالمة والشاعرة. تجد فيها حنيني لسوريا وشوقي لكل ما هو جميل فيها، ربا الأم والإبنة، المرأة العاشقة والرافضة لكل قيد يضع المرأة في قالب الأنثى فقط.
إلى ماذا تحتاج المرأة في أوطاننا لتصل إلى مرحلة المساواة مع الرجل في مجتمعاتنا الذكورية بامتياز. إلى دهاء وحكمة بلقيس أم إلى جرأة وشجاعة نوال السعداوي؟
تحتاج إلى الحكمة والاجتهاد. فهي من تصنع عالمها رغما عن سطوة المجتمع وتحكمه. فلا بد لها من مكان وسط يقتبس من شجاعة نوال السعداوي وحكمة بلقيس. فالمرأة لم تلتزم فقط بواجبها تجاه أسرتها وتربية الأبناء بل أصبح لها دورًا اجتماعيًا كبيرًا في شتى المجالات، وبناءً على مؤهلاتها العلمية والثقافية والاجتماعية تتنوع أدوارها في المُجتمع على مُختلف الأصعدة.
ما جدوى هذه الكتابات الإبداعية وما علاقتها بالواقع الذي نعيشه؟ وهل يحتاج الإنسان إلى الكتابات الابداعية ليسكن الأرض؟
يحتاج الانسان لمن يحكي عنه، يشرحه ويعبر عن انفعالاته وأحاسيسه بلغة مقربة محببة أو لوحة جميلة أو منحوتة رئعة والهرب به إلى عالم الخيال والجمال.
كيف ترين تجربة النشر في مواقع التواصل الاجتماعي؟
أفسحت مواقع التواصل الاجتماعي إمكانية الكتابة والنشر للجميع. لم يعد هناك مراقِب أو مُحرِّر أو مُقرِّر لما يمكن قبول أو رفض نشره. مساحة النشر مفتوحة، كما هي نفسها مساحة للتلقّي والاستقبال. فوسائل التواصل الاجتماعي عرفت الكثيرين على شعراء يستحقون أن تكون لهم بصمة في عالم الأدب، طبعا ليس بالكم بل بالكيف. فمع تزاحم الكتاب في هكذا عالم لا يعلق في الذاكرة إلا الجيد والقريب من القلب والعقل..
أجمل وأسوأ ذكرى في حياتك؟
عندي ذكريات جميلة كثيرة لكن أسوأ ذكرى هي ذكريات الحرب.
كلمة أخيرة أو شيء ترغبين الحديث عنه ؟
كل الشكر لكم ولاهتمامكم بالشعر .