تقف هذه السلسلة من الحوارات كل أسبوع مع مبدع أو فنان أو فاعل في أحد المجالات الحيوية في أسئلة سريعة ومقتضبة حول انشغالاته وجديد إنتاجه وبعض الجوانب المتعلقة بشخصيته وعوالمه الخاصة.
ضيف حلقة الأسبوع الكاتب محمد الشايب
كيف تعرف نفسك في سطرين؟
رسام لشلالات بسمات تسير خلفها قوافل الجراح، وخبير في نسج الأحلام، وبارع في تضييع الفرص.
ماذا تقرأ الآن؟ وما هو أجمل كتاب قرأته؟
أقرأ الآن رواية “سينترا” لحسن أوريد، ورواية “دموع الصمت” لجمال الفقير، والمجموعة القصصية “في تلك الحارات” لعبد الله زروال، وأعيد قراءة كتاب “الزرافة المشتعلة” لأحمد بوزفور.
وأجمل كتاب قرأته هو “مائة عام من العزلة” لغابرييل غارسيا ماركيز
متى بدأت الكتابة؟ ولماذا تكتب؟
بدأت الكتابة في سن مبكرة جدا، لا أدري متى هطلت أولى الكلمات ولكني أذكر أنها كانت عبارة عن خواطر جادت بها العاطفة بعد سفر غريب وممتع ومؤلم على بساط حكايات جدتي رحمها الله. وأنا أكتب الآن استجابة لحالات نفسية وروحية رهيبة، وهربا من الجمود والسطحية ومتاهات اليومي الأرعن. الكتابة ملاذي الرحيم بين أحضانها أتحرر من كل القيود التي تكبلني، وأخلع الأرقام التي تلازمني، وأسبح في طقوسها، فأمتطي الشك قبل اليقين، والحيرة قبل الوثوق والفوضى قبل النظام.
ما هي المدينة التي تسكنك ويجتاحك الحنين إلى التسكع في أزقتها وبين دروبها؟
تسكنني مدينة الطفولة والشباب ومسقط الرأس والقلب مشرع بلقصبري الغالية حيث نبتت أولى الكلمات، ورسمت أولى الخطوات، وكتبت أولى الرسائل. وتسكنني القنيطرة بكل ذكرياتها المجيدة، وشوارعها المعلنة والخفية، وبنهرها وبحرها وغابتها، وبألق مبدعيها الأشاوس من زفزاف إلى آخر طفل يرسم أولى الخطوات في رحلة الإبداع.
هل أنت راض على إنتاجاتك وما هي أعمالك المقبلة؟
لن أرضى أبدا عن كتاباتي، نص يمحو آخر، و يحملني باستمرار قلق جارف نحو النص المشتهى الذي يجيد الهروب والتخفي خلف جغرافية اللغة وتضاريس الخيال.
بالنسبة إلى أعمالي المقبلة فهي تتلخص في كتاب قصصي جديد ينتظر النشر.
متى ستحرق أوراقك الإبداعية بشكل نهائي وتعتزل الكتابة؟
الكاتب لا يعتزل الكتابة إلا بموته، لهذا سأظل على قيد الإبداع ما دمت حيا..
ما هو العمل الذي تمنيت أن تكون كاتبه؟ وهل لك طقوس خاصة للكتابة؟
لم أفكر في هذا الأمر قط، أعجب بكثير من الكتب لكني لم أتمن أبدا أن أكون صاحبها.. لي كتاباتي الخاصة هي بياناتي الإبداعية والحياتية، وهي ملاذي، وهي ترجمان قلقي..
أما بالنسبة إلى طقوس الكتابة لدي فهي تتمثل في وجودي وحيدا بين أربعة جدران وباب موصدة، وفي مهب جذبة روحية ونفسية معينة..
هل المبدع والمثقف دور فعلي ومؤثر في المنظومة الاجتماعية التي يعيش فيها ويتفاعل معها أم هو مجرد مغرد خارج السرب؟
المطلوب أن يكون للمبدع والمثقف عموما صوت مؤثر داخل المجتمع بحكم أن الإبداع والثقافة قاطرتان من قاطرات التنمية والرقي بقيم المجتمع وذوقه العام، لكن ذلك متوقف عند الأهمية التي تولى لهذين القطاعين المرتبطين واللذين لعبا دائما دورا مهما في تنمية المجتمعات كلما الشروط الذاتية والموضوعية.
ماذا يعني لك العيش في عزلة إجبارية وربما حرية أقل؟ وهل العزلة قيد أم حرية بالنسبة للكاتب؟
بالنسبة إلي العزلة مطلب مهم وشرط أساسي لتحقق العملية الإبداعية، شخصيا لا أستطيع الكتابة إلا وأنا في حالة عزلة، غير أن هذه العزلة يجب أن تكون اختيارية مراعاة لمطلب الحرية التي هي أساس الوجود. وهناك عدة أعمال إبداعية خالدة تحققت أيضا داخل عزلة إجبارية. عموما العزلة هي الظرف المناسب للإبداع.
شخصية من الماضي ترغب لقاءها ولماذا؟
هناك شخصيات كثيرة من مجالات الدين والسياسة والفن والأدب والثقافة.. أرغب في لقائها، وأمام استحالة تحقق اللقاء بها واقعيا ألتقي بها عن طريق القراءة والحلم والإبداع..
ماذا كنت ستغير في حياتك لو أتيحت لك فرصة البدء من جديد ولماذا؟
لو أتيحت لي فرصة البدء من جديد لتفاديت تكرار أخطائي القديمة وارتكبت أخطاء جديدة لمواصلة عادتي المتمثلة في إضاعة الفرص التي أجيدها..
ماذا يبقى حين نفقد الأشياء؟ الذكريات أم الفراغ؟
حين يحصل الفقد يبقى الرماد والذكريات وتهطل برودة الفراغ..
صياغة الآداب لا يأتي من فراغ بل لابد من وجود محركات أم يعيش هو بأحلامه ذا مكانية وزمانية، حدثنا عن مجموعتك القصصية (دخان الرماد). كيف كتبت وفي أي ظرف؟
“دخان الرماد” هي باكورتي القصصية، صدرت سنة 2000 بالقنيطرة، وضمت قصصا كتبت في التسعينيات، نصوصها مليئة برماد التجارب، والأحلام التي احترقت، كما أنها شهادة حياة لذات جماعية حلمت وناضلت ثم غرقت في رماد النهايات والفشل واليأس..
ما جدوى هذه الكتابات الإبداعية وما علاقتها بالواقع الذي نعيشه؟ وهل يحتاج الإنسان إلى الكتابات الابداعية ليسكن الأرض؟
الإبداع كان دائما مرافقا للإنسان، وسيظل مساهما في نشر قيم الجمال والحرية والعدل.. ، وشاهدا على أفراح وأحزان البشرية
كيف ترى تجربة النشر في مواقع التواصل الاجتماعي؟
أنا ميال إلى الكتاب الورقي، وليست لي دراية كبيرة بما ينشر على مواقع التواصل.
أجمل وأسوأ ذكرى في حياتك؟
الحياة فصول، ومزيج من الألوان لكن الذكريات السيئة أكثر من الذكريات السعيدة… خلي ذاك الجمل بارك..
كلمة أخيرة او شيء ترغب الحديث عنه؟
أشكرك صديقي رضوان على هذا السفر الجميل على متن أسئلتك الجميلة.