اعترفت وزارة الداخلية الإسبانية، أول أمس بشكل رسمي بحركة “صحراويون من أجل السلام”، المُنشقة عن جبهة البوليساريو الانفصالية، كإطار سياسي يدافع عن حقوق الإنسان والحرية ومتسمك بنهج “الاعتدال والوفاق” في تعاطيه مع القضايا التي تصب في صلب اهتماماته؛ وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية، حسب ما أفادت به الحركة في بيان لها.
وأشار المصدر ذاته إلى أن “هذا الحدث يُعتبر تحولا كبيرا سيضع الحركة في مكانتها الدولية”، مسجلا أن الحركة الصحراوية ستُواصل العمل، الذي أقنعت بموجبه مختلف الفاعلين والدول العالمية بفضل خطابها المعتدل والداعي إلى حل سلمي للنزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية.
محمد لمين النفاع، عضو اللجنة السياسية لحركة “صحراويون من أجل السلام”، قال إن “هذا الاعتراف الرسمي الإسباني كان ضمن برنامج الحركة الذي اشتغلت عليه لمدة من الزمن، من أجل حصولها على الشخصية القانونية التي تخول لها التحرك على المستويين الأوروبي والدولي”، مضيفا أن “هذه الخطوة ستشكل بداية انطلاق العمل الخارجي المكثف للحركة، تماشيا مع الأهداف التي أسست من أجلها”.
وأورد النفاع، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هذا الاعتراف القانوني سيكون مُنطلقا للتعريف بطرح حركة صحراويون من أجل السلام؛ وبالتالي إسماع خطابها إلى المنتظم الدولي وفرض الحركة كطرف في الصراع حول الصحراء وكطرف يتبنى طرحا مخالفا لذلك الذي تتبناه جبهة البوليساريو لحل هذا النزاع”، لافتا إلى أن “الجبهة، التي تتبنى الطرح الانفصالي، كانت دائما تصف نفسها باعتبارها الممثل الوحيد والشرعي للشعب الصحراوي؛ غير أن هذا الاعتراف بحركتنا سيُغير من هذه المعادلة، التي حاولت البوليساريو تثبيتها على مدار أكثر من خمسين سنة”.
وأشار المتحدث عينه إلى أن “أعضاء الحركة كانوا، وإلى وقت قريب، مناضلين في صفوف البوليساريو وكانوا من الذين يحلُمون بالدخول إلى العيون على ظهر دبابة وإقامة دولة مستقلة للصحراويين؛ غير أنهم تفطنوا إلى أن هذا الحلم غير ممكن، وبالتالي فضلوا تبني طرح آخر أكثر واقعية ووسطية بين ما يريده المغرب وما تريده البوليساريو، وهو الطرح ذاته التي تدعو إليه الأمم المتحدة منذ سنة 2007”.
وسجل عضو اللجنة السياسية لحركة “صحراويون من أجل السلام” أن “جبهة البوليساريو ليس لها من القوة العسكرية والسياسية ما يمكنها من فرض أطروحتها لحل نزاع الصحراء”، متسائلا: “كيف أن الجبهة لم تستطع فرض هذا الحل في أوج قوتها في الثمانينيات أن تفرضه الآن وفي ظل المتغيرات الحالية؟”، قبل أن يجيب: “المناخ السياسي، الذي كان مساعدا على تفريخ الحركات المسلحة، لم يعد قائما اليوم وسقط مع سقوط جدار برلين؛ ثم إن العقل والمنطق السياسي يؤكدان أن الجبهة لن تستطيع تحقيق ذلك الحلم الرومانسي الذي وعدت به الصحراويين ذات يوم بتأسيس دولة لهم”.
وخلص النفاع إلى “ضرورة إيجاد حل لهذا الصراع مع المملكة المغربية وفي إطار المملكة نفسها، سواء من خلال الحكم الذاتي أو من خلال نموذج آخر، في إطار السيادة المغربية؛ وبالتالي إخراج هذا النزاع من دائرة التوظيف السياسي الذي يتعرض، خاصة من طرف الجزائر وقادة البوليساريو الذين يراهنون على استمرار هذا الصراع.