✍️جمال الغازي
مقدمة
الدكتور جواد الزوبع هو شخصية متعددة المواهب تجمع بين الكفاءة الأكاديمية والتفاني الإنساني، ما يجعله نموذجاً للعمل الجاد في خدمة الثقافة الأمازيغية. نشأ الزوبع في مدينة الناظور، وأظهر منذ نعومة أظفاره شغفاً بالرياضة والعلم، ليصبح فيما بعد من أبرز الشخصيات الأكاديمية في المغرب. يشغل حالياً منصب أستاذ جامعي متخصص في الدراسات الأمازيغية في الكلية متعددة التخصصات بالناظور، حيث يساهم بشكل كبير في تدريس اللغة والثقافة الأمازيغيتين ويشارك بانتظام في المؤتمرات والندوات التي تناقش قضايا التعليم الأمازيغي وأثره على الهوية الثقافية للمجتمع المغربي.
الدور الأكاديمي والتدريسي
في مسيرته الأكاديمية، لعب الدكتور الزوبع دوراً بارزاً في تطوير مناهج تدريس اللغة الأمازيغية. فقد أدار جلسات علمية عدة تناولت وضعية تدريس الأمازيغية في المدارس المغربية، وركزت هذه الجلسات على استعراض التجارب الناجحة منذ إدماج اللغة الأمازيغية في المناهج التعليمية، كما سلطت الضوء على التحديات التي تواجه الأساتذة والطلاب، وقدّم الزوبع حلولاً عملية للتغلب على العقبات التي تعترض تدريس الأمازيغية، مثل إعداد المناهج وتطوير المعاجم المتخصصة. يُعرف الزوبع بتعاونه مع العديد من الأكاديميين والمختصين في مجال الأمازيغية، حيث يسعى إلى تعزيز الوعي الثقافي بين الشباب وتوفير بيئة تعليمية تفاعلية تلائم احتياجات الطلبة وتطلعاتهم.
المسار الأكاديمي والإنجازات العلمية
منذ الصغر، تميز الزوبع بميوله الأكاديمية والرياضية، وبعد أن أكمل دراسته الأساسية والثانوية في الناظور، انتقل إلى جامعة عبد المالك السعدي في تطوان، حيث تخصص في اللسانيات الأمازيغية التي أصبحت مجال بحثه الأكاديمي الرئيسي. حصل على شهادة الدكتوراه في عام 2018 تحت إشراف الأستاذ عبد الهادي أمحرف، أحد أبرز الأكاديميين في مجال الدراسات الأمازيغية في المغرب. لم يكن مشواره الأكاديمي خالياً من التحديات، فقد وازن بين شغفه بالرياضة والتزامه العلمي ليبدأ مسيرته المهنية في التدريس بمدينة طنجة عام 2014. وبفضل مهارته الأكاديمية، عُين مؤطراً للغة الأمازيغية في المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين، حيث أضاف بصمته الخاصة في تطوير مناهج تدريس هذه اللغة.
في أواخر عام 2019، انتقل الزوبع إلى الكلية متعددة التخصصات بالناظور، حيث شغل منصب منسق بيداغوجي لشعبة الدراسات الأمازيغية منذ عام 2020، واستمر في تطوير مجال الدراسات الأمازيغية بناءً على منهجية علمية تستند إلى البحث الأكاديمي العميق. حصل على شهادة التأهيل الجامعي ليصبح أستاذاً محاضراً مؤهلاً، ما مكنه من الإشراف على العديد من الأطروحات والبحوث الأكاديمية التي تناولت موضوعات مهمة في الأدب والثقافة الأمازيغية.
إصدارات ومؤلفات علمية
أغنى الدكتور الزوبع المكتبة الأمازيغية بعدد من الإصدارات العلمية التي تهتم بتحليل وتطوير قواعد اللغة الأمازيغية، ومن أبرز هذه الكتب والدراسات:
1. **”Tajeṛṛumt n Tmaziɣt (Tarifiyt): Tasnalɣa, taseddast d usenmarra”**
يعد هذا الكتاب مرجعاً في اللغة الأمازيغية (تاريفيت)، حيث يتناول بشكل مفصل الصرف والقواعد النحوية، وصدر بنسختين؛ الأولى في عام 2020 والثانية في عام 2024.
2. **”صيغ الفعل المبني للمجهول في أمازيغية الريف”**
يقدم هذا الكتاب دراسة صوتية وصرفية معمقة حول الفعل في أمازيغية الريف، حيث يعرض فيه تحليلاً دقيقاً لصيغه وتراكيبه النحوية.
تعكس هذه المؤلفات اهتمام الزوبع بتطوير مناهج تدريس الأمازيغية وفق أسس علمية دقيقة تعتمد على التحليل اللغوي، كما يعكس حرصه على سد الفجوات في مجال البحوث الأمازيغية وتعزيز محتوى المكتبة الأمازيغية بمراجع قيمة.
الإشراف الأكاديمي والتوجيه
إلى جانب التأليف، كان للدكتور الزوبع دور محوري في الإشراف على بحوث طلاب الماجستير والدكتوراه في الأدب والثقافة الأمازيغية. في عام 2024، أشرف على ثلاث أطروحات دكتوراه من الناظور تتناول موضوعات مختلفة، من بينها:
– **المعجم الأمازيغي الخاص بالطفل في منطقة الريف**
الباحث: محمد الهاشمي
– **دراسة بنية الكلمة الأمازيغية (تاريفيت)**
الباحث: سفيان دراز
– **تعليم اللغة الأمازيغية لغير الناطقين بها وفق مناهج اللسانيات التطبيقية**
الباحث: محمد البوتكمانتي
كما يشغل الدكتور الزوبع منصب رئيس تحرير مجلة “توسنيوين”، التي تُعنى بنشر البحوث والدراسات المتخصصة في الأدب الأمازيغي، حيث يسهم بفاعلية في إدارة وتنسيق وحدة الدراسات الثقافية واللغوية والأدبية والفنية بمركز الأبحاث والدراسات الأمازيغية بالريف.
شهادات الزملاء والطلبة
وُصف الدكتور الزوبع من قبل زملائه وطلابه بالشخصية المتفانية ذات الأسلوب المتواضع. يقول محمد الهاشمي، الباحث الشاب المعروف في مجال الأمازيغية، واصفاً الدكتور الزوبع:
> “تعرفت على الدكتور جواد الزوبع أثناء فترة الدراسة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، حيث تقاسمنا التكوين بمسلك الدراسات الأمازيغية. كان طالباً شغوفاً بالعلم والبحث الجاد. لاحقاً، بعد التحاقي بماستر الأدب والثقافة الأمازيغية بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، أتيحت لي الفرصة للدراسة تحت إشرافه كأستاذ، حيث كان يدعم الطلبة بالنصح والتوجيه في تخطي صعاب التحصيل العلمي. لقد كان بشوشاً ولبقاً في تعامله ولا يبخل بأي جهد في سبيل الطلبة.”
المبادرات الثقافية والإنسانية
عُرف الدكتور الزوبع أيضاً بمبادراته الإنسانية والثقافية، حيث ساهم في إخراج ديوان “أناروز ن توذاث” إلى النور دعماً لمرضى السرطان الفقراء في المنطقة. قام بالإشراف الشخصي على إعداد الديوان بالتعاون مع بعض الأساتذة، وقد لاقى الديوان صدى واسعاً على المستوى الوطني وتناولته الصحف والمواقع المغربية، ما يعكس التزام الدكتور الزوبع بالقضايا الإنسانية والثقافية.
النشاط الرياضي
على الصعيد الرياضي، برع الزوبع في رياضة الملاكمة الصينية (الساندا) وحقق نجاحات مهمة على المستوى الوطني، إلا أن إصابة صحية اضطرته إلى التوقف عن هذا المجال. رغم ذلك، انعكست روح المثابرة والتحدي التي تعلمها من الرياضة على مسيرته الأكاديمية، حيث ساعدته على التحلي بالصبر والإصرار في مسيرته العلمية.
خاتمة
تُعد مسيرة الدكتور جواد الزوبع الأكاديمية والثقافية نموذجاً يُحتذى في المثابرة والعطاء، إذ تمكن من الجمع بين العلم والالتزام الثقافي ليصبح أحد أعمدة الدراسات الأمازيغية في المغرب. بفضل تفانيه وإصراره، ساهم في تطوير تعليم اللغة الأمازيغية وتوثيق قواعدها، مما يجعله قدوة لكل من يسعى لخدمة اللغة الأمازيغية والثقافة المغربية بشكل عام.