اعتبر محمد ألمو، المحام بهيئة الرباط أنه في خضم النقاش الساخن حول مقتضيات المادة 49 من مدونة الأسرة حول موضوع حقوق الزوجين في الأموال المنشأة أثناء الحياة الزوجية لا أحد تساءل عن التأصيل المرجعي لهذا النظام القانوني.
وأوضح ألمو “هذا الفصل هو الوحيد الذي لم يخرج من رحم الفقه الديني الذي شكل الوعاء المرجعي لنصوص مدونة الأسرة، لأنه لم يسبق أن أقر الفقه الديني الكلاسيكي بمختلف مدارسه وأئمته حق المرأة في الأموال الأسرية، بل إن التيار الديني خاصة حزب العدالة والتنمية وجناحه الدعوي حركة التوحيد والاصلاح أبان معارضته للخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية في أواسط التسعينات اعتبر هذا النظام خروجا عن الشريعة وشرعنة غير مبررة لأكل أموال الناس بالباطل”.
وأضاف أن “الاهتمام الذي يوليه المغاربة لهذا النظام القانوني يعكس أهميته في تدبير النزاعات الأسرية لأنه ببساطة مقتضى قانوني زمني يعبر عن انشغالاتهم وحاجياتهم من التشريع الاسري المرتقب لأنه يعالج صلب المشكل “.
وتابع “إذن نحن أمام نظام قانوني مغربي صرف احتضنته القوانين العرفية الأمازيغية لقرون وساهم الفقه المغربي المتنور في تأصيله وتحصينه من كل المحاولات التي تروم خلق تعارض بينه وبين الدين”.
وأكد أن “نظام تمازالت يقوم على افتراض أن المرأة شريكة فعالة ومنتجة في مؤسسة الأسرة وكل الأموال التي تنشأ أثناء الحياة الزوجية هي نتاج كدها وسعايتها ومجهودها فليس من العدل أن يستفرد الزوج بها لوحده لتخرج بعد حياة زوجية عمرت لسنين خاوية الوفاض”.
واستطرد “وهكذا فالمرأة لا تحصل على نصيبها عند إنهاء العلاقة الزوجية فحسب بل إن هذا الحق يسري حتى في حالة وفاة الزوج حيث لا ينظر لما يخلفه من أموال وممتلكات على أساس أنها تركة تنتقل لذمة خلفه من الورثة الشرعيين وتخضع من حيث تقسيمها للأنصبة الشرعية بل إنها تشكل أموال أسرية لا تخص الزوج وحده بل هناك جزء منها ملكا خاصا للزوجة ومدخلها في ذلك ما قدمته من كد وجراية وسعاية في إنشائها وتنميتها، فمن العدل فرز نصيبها وبعدها يقسم نصيب الزوج على باقي الورثة بما فيهم زوجته وفقا لقواعد الإرث”.
وأردف ألمو أن “هذا النظام لا يشكل خروجا عن أحكام الإرث لإنه لا يورث شخص في أمواله وهو على قيد الحياة، فالزوحة وريثة في مال زوجها وشريكة له في نفس الوقت وبالتالي يتعين فرز نصيبها عن التركة قبل قسمتها”.
وأفاد أن “واقعنا الحالي يحكي قصص مؤلمة لأرامل أفنين حياتهن في مساعدة أزواجهن بالعمل والكد والتدبير والبخل المفرط لحد حرمان أنفسهن من أبسط الحاجيات لتوفير المال الكافي لبناء منزل أو قبر الحياة وعند وفاة الزوج يأتي الأبناء (مجرد مستهلكين فقط) ويستفردون بحصة الأسد من الإرث ليقدموا على بيع المنزل الذي شيدته بعريق جبينها وجوعها وصبرها.. لتتحول في آخر أيام حياتها إلى متشردة بدون مأوى”.
وتساءل المتحدث “أين العدل؟ أين الدين؟ أين الحق؟ أين نصيب هذه الزوجة؟ أين جزاء عملها وكدها وسعايتها وحرصها على تدبير أموال الأسرة؟”.
وشدد ألمو على أن “الضجة التي أثارها نظام تمازالت تؤكد حاجتنا إلى قوانين تتماهى مع واقعنا المغربي قوانين قادرة على تدبير مشاكلنا الحقيقية، قوانين زمنية أنتجها الإنسان من أجل الإنسان، غايتها تحقيق العدل والإنصاف، الأمر الذي يستوجب الانفتاح على القوانين العرفية الأمازيغية واعتمادها الى جانب باقي المصادر الأخرى في وضع التشريع الأسري”.