ورقة تقديمية
شهد نظام الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تطورا مضطردا منذ اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 تميز على الخصوص باعتماد مجموعة من الاتفاقيات الملزمة من الناحية القانونية بلغ عددها إلى حدود اليوم تسع اتفاقيات أساسية وهي:
- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي اعتمد في 16 دجنبر 1966 ودخل حيز النفاذ في 23 مارس 1976؛
-
العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي اعتمد في 16 دجنبر 1966 ودخل حيز النفاذ في 3 يناير 1976؛
-
اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي تم اعتمادها في 10 دجنبر 1984 ودخلت حيز النفاذ في 26 يونيو 1987؛
-
الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي تم اعتمادها في 21 دجنبر 1965 ودخلت حيز النفاذ في 4 يناير 1969؛
-
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي تم اعتمادها في 18 دجنبر 1979 ودخلت حيز النفاذ في 3 شتنبر 1981؛
-
اتفاقية حقوق الطفل التي تم اعتمادها في 20 يونيو 1989 ودخلت حيز النفاذ في 2 شتنبر 1990؛
-
اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي تم اعتمادها في 13 دجنبر 2006 ودخلت حيز النفاذ في 3 ماي 2008؛
-
الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري التي تم اعتمادها في 20 دجنبر 2006 ودخلت حيز النفاذ في 23 دجنبر 2010؛
-
الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم التي تم اعتمادها في 18 دجنبر 1990 ودخلت حيز النفاذ في 1 يوليوز 2003.
وإضافة إلى ذلك، تم اعتماد مجموعة من البرتوكولات الاختيارية بلغ عددها، إلى حدود اليوم، تسعة برتوكولات ملحقة بعدد من الاتفاقيات المذكورة أعلاه.
وبالنسبة للمملكة المغربية التي انخرطت بشكل مبكر في نظام الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، حيث وقعت على أول اتفاقية لحقوق الإنسان اعتمدتها الأمم المتحدة (الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري) سنة 1967 وصادقت عليها سنة 1970، فقد عرفت ممارستها الاتفاقية تطورا مستمرا منذ ذلك الحين، إلى أن تم في السنوات الأخيرة استكمال المصادقة أو الانضمام إلى ما يسمى بالنواة الصلبة للقانون الاتفاقي الدولي في مجال حقوق الإنسان والتي تشمل الاتفاقيات التسع المذكورة أعلاه.
كما حرصت المملكة المغربية بمناسبة تفاعلها مع هيئات المعاهدات المكلفة بمتابعة مدى التزام الدول الأطراف بمقتضيات هذه الاتفاقيات على تقديم التقارير الأولية والدورية بموجبها وعلى تتبع تفعيل التوصيات الصادرة عنها إثر فحص تلك التقارير. إضافة إلى التفاعل مع باقي مكونات نظام الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ولاسيما آلية الاستعراض الدوري الشامل وآليات الإجراءات الخاصة.
ويجدر التذكير أن من بين المهام المنوطة بهيئات المعاهدات تلقي البلاغات الفردية (الشكايات) والبت فيها إما بموجب مقتضيات تنص عليها الاتفاقية أو بموجب بروتوكول اختياري ملحق بها، حيث أتيحت للأفراد إمكانية التظلم بشأن الانتهاكات التي قد تلحق الحقوق المنصوص عليها في اتفاقيات حقوق الإنسان وتقديم بلاغات فردية بشأنها إلى الهيئات المعنية.
ويشمل نظام الأمم المتحدة المتعلق بالبلاغات الفردية نوعين وهي:
▪ البلاغات الفردية بموجب هيئات المعاهدات.
o تقديم بلاغات فردية طبقا لمقتضيات الاتفاقية.
هناك ثلاثة اتفاقيات تضمنت مقتضى يتيح للأفراد تقديم بلاغات فردية بشأن الانتهاكات التي قد تلحق الحقوق المنصوص عليها في الاتفاقية شريطة إعلان الدولة الطرف فيها الاعتراف بولاية اللجنة المعنية بتلقي البلاغات الفردية والبت فيها. ويتعلق الأمر بالاتفاقيات التالية:
- الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري بموجب المادة 14؛
-
اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة بموجب المادة 22؛
-
الاتفاقية الدولية لحماية العمال المهاجرين وجميع أفراد أسرهم بموجب المادة 77.[1]
-
الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري بموجب المادة 31.
-
تقديم بلاغات فردية بموجب بروتوكولات اختيارية.
كما اعتمدت الأمم المتحدة، بالنسبة لباقي الاتفاقيات الستة، التي لم تتضمن مقتضيات بهذا الصدد، بروتوكولات اختيارية مكنت من توسيع ولاية الهيئات المنشأة بموجبها لتشمل تلقي والنظر في البلاغات الفردية. ويشترط هنا أيضا مصادقة الدول الأطراف في الاتفاقية أو انضمامها إلى البرتوكول الاختياري لكي ينطبق عليها هذا الاختصاص. ويتعلق الأمر بالبرتوكولات التالية:
- البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛
-
البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛
-
البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المتعلق بالبلاغات الفردية؛
-
البرتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة المتعلق بالبلاغات الفردية؛
-
البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن إجراء تقديم البلاغات؛
▪ البلاغات الفردية بموجب آليات الإجراءات الخاصة: فريق العمل حول الاعتقال التعسفي.
تشمل ولاية آليات الإجراءات الخاصة[2] التي أنشأتها لجنة حقوق الإنسان السابقة وقام مجلس حقوق الإنسان بتمديد ولايتها لاحقا، تلقي والنظر في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان والتفاعل مع الدول المعنية بشأنها. وتتميز آلية فريق العمل حول الاعتقال التعسفي بشمول ولايته بشكل صريح لاختصاص تلقي والبت في البلاغات الفردية.
وبالنسبة للمملكة المغربية فقد عرفت ممارستها الاتفاقية تطورا نوعيا منذ سنة 2006 بالشروع في الانضمام أو المصادقة على البرتوكولات التي تتيح هذه الإمكانية وباعترافها باختصاصات بعض الهيئات التعاقدية بتلقي والبت في البلاغات الفردية. وفي هذا الإطار اعترفت المملكة المغربية باختصاص بعض الهيئات التعاقدية في هذا الشأن كما يلي:
- الاعتراف باختصاص لجنة القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري بالنظر في البلاغات الفردية سنة 2006؛
-
الاعتراف باختصاص لجنة مناهضة التعذيب بتلقي البلاغات الفردية سنة 2006؛
-
الانضمام إلى البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة سنة 2009؛
-
الانضمام إلى البرتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المتعلق بالبلاغات الفردية سنة 2022؛
-
الانضمام إلى البرتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة المتعلق بالبلاغات الفردية سنة 2022.
وفي إطار مواكبة الالتزامات الدولية لبلادنا في مجال حقوق الإنسان بموجب مختلف الآليات المذكورة، أولت رئاسة النيابة العامة منذ إحداثها اهتماما بالغا لحقوق الإنسان. وهو ما يتضح من خلال منشور رئيس النيابة العامة رقم 1 الذي أكد على أهمية حماية منظومة حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنسان والالتزام بهما. كما حث على الحرص على التصدي للانتهاكات الماسة بالحقوق والحريات بكل حزم وصرامة، وإجراء التحريات والأبحاث بشأنها دون تأخير، وعدم التردد في استعمال السلطات القانونية بشأنها، ولاسيما حين يتعلق الأمر بادعاءات تتعلق بالتعذيب أو الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري.
وتكريسا لهذا التوجه اعتمدت رئاسة النيابة العامة بالتعاون مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، برنامجا لتعزيز قدرات قضاة النيابة العامة وقضاة الحكم في مجال حقوق الإنسان يروم تقوية المعرفة بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان قصد تعزيز الالتزام بإعمالها على المستوى الوطني، وآليات حمايتها على مستوى منظومة الأمم المتحدة وكيفية التفاعل معها ولاسيما هيئات المعاهدات وآليات الإجراءات الخاصة.
وتأتي هذه الدورة التكوينية التي تنظمها رئاسة النيابة العامة، بشراكة مع المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، وبتعاون مع مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، حول موضوع البلاغات الـفـردية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، في إطار مواصلة تنفيذ المرحلة الثانية من البرنامج المذكور، حيث تنعقد الدورة الأولى بمدينة الرباط يومي 18 و19 دجنبر 2023 بمناسبة الاحتفال بالذكرى 75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على أن يتم تنظيم الدورة الثانية بمدينة مراكش خلال شهر فبراير 2024.
وتهدف هذه الدورة التكوينية إلى تملك وتعميق النظر في الجوانب التالية:
- المعايير الدولية المترتبة عن اتفاقية مناهضة التعذيب والتزامات الدول الأطراف في إعمالها.
-
المعايير الدولية حول كيفية إجراء التحقيقات القانونية والطبية الفعالة في مزاعم التعذيب أو سوء المعاملة: بروتوكول إستنبول: دليل التقصي والتوثيق الفعالين للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة في صيغته المراجعة لسنة 2022.
-
مكانة البلاغات الفردية في نظام هيئات المعاهدات، ولا سيما في عمل لجنة مناهضة التعذيب؛
-
البت في البلاغات الفردية من قبل لجنة مناهضة التعذيب بموجب المادة 22 من الاتفاقية: أساليب وطرق عمل اللجنة.
-
عرض ودراسة حالات ونماذج معروضة على لجنة مناهضة التعذيب.
[1] ولكن هذا المقتضى لن يدخل حيز النفاذ إلا بعد قيام 10 دول أطراف بإصدار إعلان بذلك حيث لم يتوفر هذا النصاب إلى حدود اليوم.
[2] تتألّف الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان من مجموعة خبراء مستقلين في مجال حقوق الإنسان مكلفين بولايات لرفع تقارير وتقديم المشورة بشأن حقوق الإنسان من منظور مواضيعي أو قطري. إلى حدود أكتوبر 2022، هناك 45 ولاية مواضيعية و14 ولاية قطرية.