اتهم التجمع العالمي الأمازيغي الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية بتعمد نهج “سياسة الإقصاء والتمييز” ضد اللغة الأمازيغية “تتعارض مع روح ونص دستور فاتح يوليوز 2011 وتؤدي إلى فشل الحملات الوطنية لمحاربة أمية الكبار”، مشددا على هذا “الظلم والتمييز” تتعرض لها لغة “تيفيناغ” رغم أنها لغة رسمية ثانية للمملكة المغربية.
وأكد رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، رشيد الراخا، في رسالة وجهها إلى عبد الودود خربوش، مدير الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، حول “التمييز ضد اللغة الأمازيغية في حملات محو الأمية وتعليم الكبار”، أن “سياسة الإقصاء والتمييز التي تنهجونها ضد اللغة الأمازيغية تؤدي إلى فشل حملاتكم الوطنية لمحاربة أمية الكبار”، مضيفا أن ذلك “يعتبر نهجا متعمدا يعكس تمييزا خطيرا ويشكل، علاوة على ذلك، خطرا كبيرا على نجاح أي استراتيجية للتنمية المستدامة”.
وشدد الراخا على أن سياسية الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية “تتعارض مع روح ونص دستور فاتح يوليوز 2011، بما في ذلك الفصل 5 منه، وكذلك مع أهداف القانون التنظيمي 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة”، مردفا “والأدهى من ذلك، أنها تشكل خرقا للتوجيهات الملكية ومخالفة لإرادة الملك محمد السادس، الذي أكد بمناسبة قرار الاعتراف بالسنة الأمازيغية الجديدة، العناية الكريمة، التي ما فتئ يوليها للأمازيغية باعتبارها مكونا رئيسيا للهوية المغربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، ورصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء”.
وأشارت الرسالة إلى أن “الأمية تعتبر عائقا خطيرا أمام التنمية المستدامة، وإدماج الشباب في سوق الشغل، والنهوض بأوضاع المرأة، وبالأخص النساء القرويات، وتحسين الوضع الاجتماعي للساكنة المعزولة”.
ونبّه التجمع العالمي الأمازيغي مدير الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، إلى ما تعانيه اللغة الأمازيغية من “ظلم وتمييز في إطار سياستكم الجديدة بخصوص حملات محو أمية الكبار”، موضحا “إذ إنكم تصرون على استبعاد وإقصاء اللغة الأمازيغية، رغم أنها لغة رسمية ثانية للمملكة المغربية، وذلك من خلال الاقتصار في عملية محو الأمية على اللغة العربية أو حتى اللغة الفرنسية التي ليس لها أي وضع دستوري”.
وأشار بهذا الصدد إلى أن “حكومتي حزب العدالة والتنمية، بقيادة كل من عبد الإله بنكيران وسعد الدين العثماني، على التوالي، خططتا لسياسة تروم القضاء على الأمية، وذلك بمدعم مالي كبير من طرف الاتحاد الأوروبي، عام 2024. وسبق لحكومة حزب الاستقلال، بقيادة عباس الفاسي، قبل حكومتي العدالة والتنمية، أن وضعت سياسة بهدف تقليص نسبة الأمية إلى أقل من 20% في أفق 2010 و’استئصالها’ سنة 2015… لكن هذه الأهداف الطموحة لم تتحقق أبدًا، بسبب اعتبارات ذات طبيعة سياسية-إيديولوجية وليست تربوية وتعليمية كما كان يجب ان تكون، وقد أتيحت لي الفرصة لإدانتها أمام أعضاء البرلمان الأوروبي في نونبر 2013 و13 مارس 2019”.
وتابعت “لقد أبدت المؤسسات المغربية ‘إرادة سياسية’ واضحة، تجسدت منذ سنة 1999 ضمن الميثاق الوطني للتربية والتكوين، حيث أكدت أن: محاربة الأمية تعتبر واجبا اجتماعيا على الدولة وتشكل عاملا حاسما في الارتقاء بالنسيج الاقتصادي، من خلال تعزيز مهارات الموارد البشرية، بهدف مواكبة تطور وحدات الإنتاج”[2]. ومع ذلك، فإن نتائج الحملات الوطنية لمحو الأمية لا تزال متواضعة”.
وشدد رئيس التجمع العالمي الأمازيغي في رسالته على أن “كل البرامج التي اتبعتها الحكومة منذ الاستقلال عام 1956 وحتى اليوم للحد من الأمية ومحوها لم تحقق النتائج المرجوة، لسبب بسيط هو أن كل هذه البرامج التعليمية التي تشرف عليها وكالتكم ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تتجاهل عاملا أساسيا ومحددا وهو اللغة الأم”.
وذكّرت الرسالة بآخر معطيات الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية حول الأمية في المغرب التي عدتها “مثيرة للقلق”، ودعمت موقفها ببيانات المندوبية السامية للتخطيط حول الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014، التي كشفت أن معدل الأمية لدى السكان يصل إلى 47.5 بالمئة في المناطق القروية و22.6 بالمئة في المناطق الحضرية، وتشكل الفتيات والنساء فيها نسبة إجمالية قدرها 66 بالمئة”، مشيرا إلى أن “المعدلات، حسب المنطقة، تبلغ بجهات بني ملال – خنيفرة 39.1 بالمئة، ومراكش – آسفي 37.8 بالمئة، وفاس – مكناس 34.7 بالمئة، ودرعة تافيلالت 34.5 بالمئة”، مستطردا أن “أدنى معدلات الأمية سجلت في جهة الصحراء وفي جهة الدار البيضاء الكبرى – سطات، والتي تتراوح بين 21 و26,2 بالمئة”.
استنادا إلى هذه المعطيات، أكد الراخا أن “نسبة الأمية أعلى في المناطق الناطقة بالأمازيغية منها في تلك الناطقة بالعربية/الدارجة. ومن ثم، فإننا ندرك بوضوح أن الفقر يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمية، ويؤثر بشكل لا يمكن إنكاره على المناطق الناطقة بالأمازيغية أكثر من المناطق الناطقة بالعربية/الدارجة، حسب تقرير أعددناه في يناير الماضي”.