أثار الكاتب والفاعل السياسي المغربي رشيد بوهدوز موجة تفاعل واسعة بعد نشره تدوينة جديدة انتقد فيها ما وصفه بـ”التهوّر غير المسؤول” من طرف المهندسة المغربية ابتهال أبو السعد في شركة مايكروسوفت، ظهرت في فيديو وهي تهاجم رئيسها السوري خلال مؤتمر علني، احتجاجًا على دعم الشركة للجيش الإسرائيلي.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه البعض تصرف المهندسة شكلًا من أشكال البطولة والنضال من أجل فلسطين، عبّر بوهدوز عن وجهة نظر مختلفة وأكثر براغماتية، مؤكدًا أن ما وقع ليس تعبيرًا عن تضامن مسؤول، بل سلوك يضر بصورة الكفاءات المغربية في كبرى الشركات العالمية، وقد يُغلق الأبواب أمام غيرها من المغاربة الساعين للنجاح والتموقع في مواقع القرار.
“نضع مصلحة بلادنا أولًا”
في تدوينته، شدد بوهدوز على أن التضامن مع فلسطين ثابت في وجدان المغاربة، لكن الوعي الوطني يقتضي الموازنة بين العاطفة والمهنية. وأوضح أن مثل هذه التصرفات الارتجالية لا تخدم لا فلسطين ولا المغرب، بل تُربك مسار كفاءات مغربية نادرة تسعى لتمثيل البلاد في الخارج بأفضل صورة.
وأشار أيضًا إلى أن رئيس المهندسة نفسه سوري، وأقرب جغرافيًا وثقافيًا للقضية الفلسطينية، ومع ذلك لم يقم بما قامت به. كما ذكّر بأن من بين كبار المؤثرين في شركة مايكروسوفت مغاربة وفلسطينيون، اختاروا أن يمارسوا تأثيرهم من داخل مواقع القرار بهدوء وكفاءة، لا أمام الكاميرات وبانفعالات قد تفقدهم مصداقيتهم.
ردود الفعل: النقاش يتواصل
تدوينة بوهدوز أثارت مجددًا نقاشًا واسعًا بين من رأى فيها نقدًا مسؤولًا يعلي من قيمة البناء المؤسساتي والعقلاني، ومن اعتبرها تهجمًا على ناشطة دافعت عن مظلومية شعب بأكمله.
لكن بين الرأيين، تظل الرسالة الأبرز التي يحملها هذا الموقف واضحة:
التضامن الحقيقي لا يكون بالصراخ، بل بالتأثير الذكي والمسؤول من داخل مواقع القوة.
وفيما يلي نص التدوينة كما نشرها رشيد بوهدوز:
تصرف فردي… أم تهور يسيء للمغرب؟
انتشر مؤخرًا فيديو لمهندسة مغربية في “مايكروسوفت” وهي تهاجم رئيسها المباشر – وهو سوري – في مؤتمر علني، متهمة الشركة بالتعاون مع إسرائيل. البعض احتفى بها كبطلة، لكن ما جرى ليس بطولة، بل تهوّر لا يخدم لا فلسطين ولا المغرب.
نتضامن طبعًا مع غزة، ونرفض الظلم أينما كان، لكننا كمغاربة – بهويتنا وتاريخنا ومسؤوليتنا – نضع مصلحة بلادنا أولًا. ولا يجب أن ننسى أن رئيسها نفسه، سوري، وهو أقرب جغرافيًا وثقافيًا لفلسطين، ورغم ذلك لم يفعل ما فعلت.
بل إن من أكبر العقول المؤثرة داخل مايكروسوفت اليوم هم فلسطينيون، ورغم ألمهم وقضيتهم، يختارون التأثير الحقيقي من داخل مواقع القرار، لا الانفعال أمام الكاميرات.
العالم يحترم من يوازن بين العاطفة والمهنية. أما التصرفات المرتجلة، فهي تُفقد الثقة، وتُغلق الأبواب أمام الكفاءات المغربية. بدل أن تكون هذه المهندسة مثالاً يُحتذى به، وأن تفتح الطريق أمام مهندسين مغاربة آخرين، قرّرت حرق كل شيء من أجل فيديو سيحصد بعض التدوينات الممجدة… ثم يُنسى.
نحن لا نقول لا تعبّر عن رأيك، بل نقول: اختر الزمان والمكان، ولا تجعل من لحظة عاطفية سببًا في ضياع مستقبل، وتشويه صورة بلد.
غزة بحاجة إلى صوت من داخل مواقع التأثير، لا من على هامشها. والمغرب بحاجة إلى كفاءات تُبني الثقة، لا تُنفر الشركات الكبرى منه.
الوطن لا يُخدم بالصراخ، بل بالبناء الذكي والمسؤول.
تعليقات 1