بقلم: عبد المنعم الكزان
يُنتظر أن تصدر لجنة الانضباط التابعة للإتحاد الإفريقي (للكاف) قرارها الرسمي يوم الأربعاء، بشأن واقعة احتجاز القميص الرسمي لنهضة بركان، مما كان سببا في تعذر اجراء مباراة نص النهائي لكأس الكنفيدرالية الإفريقية مع فريق إتحاد العاصمة بالجزائر التي كان مزمعا أن تجري أطوارها الأحد الماضي، وسط توقعات بتداعيات قانونية قد تطال الاتحاد الجزائري لكرة القدم إذا ما تم إثبات مسؤوليته عن عدم إجراء هذه المباراة بسبب احتجازهم لقميص الفريق البركاني، وهو بالمناسبة نفس القميص الذي صال وجال به كل صحاري وسهول ونجود وأدغال القارة الإفريقية، والمسجل لدى الإتحاد الإفريقي «الكاف» والذي سبق للفريق أن لعب به جميع مقابلات ما قبل نصف نهائي لكأس الكونفدرالية الإفريقية، القميص مرصع بخارطة المغرب ونجوم التتويج بالنسخ الماضية وشاي “الدحميس” فوق خلفية برتقالية بألوان برتقال مدينة بركان، لقد تحمل فريق اتحاد العاصمة مسؤولية جلب قمصان الفريق البرتقالي من مطار بومدين تحت طائلة اعتبار الفريق العاصمي منهزما في حالة عدم تمكنه من ذلك بعد المراسلة الكتابية التي تلقاها من «الكاف» حتى يخفف هذا الإحتقان، لكن الذي وقع أن الكابرانات جلبوا قمصانا بئيسة خالية من خارطة المغرب، في عملية تزوير وسطو على الشركة المصنعة والمتعاقدة مع نهضة بركان.
جميع الفرق المغربية تتضامنت مع نهضة بركان، واستقبل لاعبوه استقبال الأبطال دفاعا عن الوجدة الترابية، فالعلم والخارطة المغربية قبل وبعد اللقب دائما، وليسجل التاريخ أن قميص بركان أرعب دولة ولربما قد يجتمع ما يسمى المجلس العسكري لدراسة هذا المستجد الخطيير، تتحجج مواقع العسكر الجزائري أن شبيبة القبائل أخفت الرمز الأمازيغي عند لعبها مع الرجاء البيضاوي رغم أن الدستور الجزائري يعتبر أن الأمازيغية لغة رسمية متناسين أن المغرب أول دولة دسترت الأمازيغية ورافعت على ترسيمها بحرف التيفناغ دوليا، بحث أن عدم قبول الرجاء بلعب القبائل بقميص حرف التيفيناغ هو ضد الدستور المغربي قبل أن يكون أي قانون، وهي كذبة لن يصدقها أحد في جميع الإحوال في ظل البحث عن تبريرات لإيهام الشعب الجزائري وتكريس المضلومية ومحاولة لإدخال شبيبة القبائل في الصراع، لصرف نظر القبائليين عن عملية الركض المحموم للكبرانات وراء فرحات مهني داخل أروقة الأمم المتحدة بعد مداخلته التي طالب فيها باستقلال منطقة القبائل بحر هذا الأسبوع.
كعادة نظام العسكر بالجزائر، لا يوفت أي مناسبة رياضية يكون المغرب طرف فيها دون العودة إلى أعماله الصبيانية واللامسؤولة بالشكل الذي يصبح معه مرور تظاهرة رياضية دون استفزاز من باب المحال، من الإعتداء على منتخب الفتيان، إلى استفزاز لاعبي العاب القوى إلى الملاكمة، عدم ذكر اسم المغرب في بطولة البحر الأبيض المتوسط، تغييب العلم الوطني، عدم إكمال النشيد الوطني، إلى استفزاز مدرب المنتخب سعيد شيبا لأقل من 17 سنة أمام أنظار الإعلام الدولي، ثم فبركة مقابلة مع مايسمى بـ”منتخب البوليساريو . بعيد نهائي كأس افريقيا للشبان، احتجاز الصحفيين ومعداتهم واتهامهم الجاسوسية، وأحقرها حرمان المغرب من الدفاع عن لقبه في كأس إفريقيا للاعبين المحليين، وبعد رفض نظام العسكر الترخيص لرحلة مباشرة للمنتخب المغربي للمحليين لن تجاه قسنطينة السنة الفارطة، دون أن ننسى شكل التعاطي مع أخبار تظاهرة كبيرة مثل كأس العالم بالنسبة لإنتصارات المنتخب المغربي.
والأن هاهي حليمة تعود إلى عادتها القديمة بتهديد لاعبي نهضة بركان واحتجازهم في المطار، الإخراج بالعنف، لقد اصبحت الممارسات التي يقوم بها النظام الجزائري تجاه المغرب بمثابة عقيدة تمتد جذورها إلى عقيدة بنبلة والهواري بومدين، وأكاد أجزم أن .. الخوا .. خوا .. أصبج شعارا شطبه تاريخ التنشئة الإحتماعية في المدرسة والأدلجة الإعلامية التي حقنها النظام العسكري في أجساد الإنسان الجزائري لعقود مسحت معها كل ذكريات النظال التحرري المشترك للمقاوميين الحقيقين الذين قتلوا على يد هواري بومدين وعصابته،
إن الغاية الأساسية لمثل هذه السولوكات من طرف بعض مسؤولي الجزائر أولا تأكيد الولاء لنظام الكابرانات وثانيا محاولة لتوهيم الشعب الجزائري بوجود عدو خارجي على غرار سائر الأنظمة الإستبدادية والعسكرية، من أجل صرف أنظار الشعب الجزائري الشقيق عن قضاياه الهامة المرتبطة بالديمقراطية والتنمية، ومحاربة الفساد ونهب ثرواته ومقدراته وصرفها في قضايا لا تهمه، وهذه السلوكات ليست جديدة ولا ترتبط بالمغرب فقط رغم أن هذا التسيس يكون أكثر جذرية وحدة مع المغرب.
كلنا يتتبع خرجاتهم تجاه الإمارات العربية والمملكة العربية السعودية، وكلنا يتذكر أحداث الكاميرون ومصر سابقا، إن هذا الفعل. وهو إمتداد للشحن السيكولوجي للجمهور من خلال نظام العسكر،
إن هذا السلوك المرتبط بتسيس الأنشطة الرياضية، ماهو انعكاس لفكر الأنظمة الشمولية، وهو متأصل في أفعال جميع الأنظمة الاستبدادية والدكتاتورية، وهناك أمثلة دولية على هذا السلوك مثلا : أولمبياد 1936 تحت الحكم النازي، أو مونديال كأس العام 1978 في عهد الدكتاتور الأرجنتيني خورخي فيديلا، بحيث أن نفس الأمر ينطق على الحالة الجزائرية، إذ تحاول العصابة إستغلال حب الناس للرياضة، كما أنها تستغل الجمهرة والحشود من أجل تمرير إيديولوجيات الحقد والكراهية التي يكرسها النظام العسكري الجزائري تجاه المغرب على إعتبار أن الرئيس الحالي هو فقط واجهة لهذا النظام، وصرف أنظار الشعب عن قضاياه الأساسية.
مع الأسف الجزائر لا تستفيد من هذه الأحداث الكروية والرياضة على اعتبار أن جوهر الأحداث الرياضية عموماً هو التعارف والتأخي بين الشعوب، وبهذه المناسبة نناشد الاتحاد الدولي لكرة القدم والكنفدرالية الإفريقية بذل المزيد من الجهود من أجل الرفع من القيمة السامية والنبيلة للرياضة، وعدم تحويلها إلى نشر للنعرات القومية أو الطائفية أو تحويلها إلى أداة لتلميع الصور الأنظمة الديكتاتورية.